![]() |
إجراءات صارمة ومكافآت لتحفيز العاطلين عن العمل في المانيا |
كشف تقرير صادر عن إدارة أبحاث "ستاتيستا" لعام 2024 أن ما يقرب من 5.53 مليون شخص في ألمانيا يستفيدون من ما يسمى بـ "معونة المواطنين"، وهو برنامج يقدم دعماً ماليًا للأشخاص العاطلين عن العمل أو غير القادرين على العمل. من بين هؤلاء، هناك حوالي 4 ملايين شخص قادر على العمل، في حين بلغ عدد غير القادرين على العمل حوالي 1.53 مليون شخص. التقرير أوضح أن عدد المستفيدين من هذه المعونات ارتفع للعام الثاني على التوالي، مما يشير إلى أن الوضع الاقتصادي قد أثر بشكل ملحوظ على شريحة كبيرة من السكان. هذه الزيادة في أعداد المستفيدين تضع البرنامج على المسار نحو أعلى مستوياته منذ عام 2018.
إجراءات حكومية جديدة
في محاولة للحد من اعتماد الناس على هذه المعونات، أعلنت الحكومة الألمانية، المكونة من تحالف بين الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD)، والحزب الديمقراطي الحر (FDP)، وحزب الخضر، عن حزمة من الإجراءات التي تشمل فرض عقوبات جديدة على العاطلين عن العمل الذين يرفضون عروض العمل بدون مبررات قوية. من بين هذه العقوبات، سيتم خصم 30% من المعونة الشهرية لمدة ثلاثة أشهر. القرارات الجديدة ستبدأ حيز التنفيذ في 1 يناير 2025، وتشمل أيضًا الأشخاص الذين يتخلفون عن الحضور إلى المواعيد المحددة من قبل مكاتب العمل أو يعملون بطريقة غير قانونية.
مكافآت مالية جديدة للعاطلين
وفي المقابل، تسعى الحكومة لتحفيز العاطلين عن العمل على الانخراط في سوق العمل من خلال تقديم مكافأة مالية تقدر بـ 1000 يورو تُمنح لمرة واحدة للعاطلين عن العمل لمدة طويلة. ولكن هذا التحفيز يشترط أن يكون المستفيد ملتزماً بالعمل بدوام كامل لمدة لا تقل عن عام. ومع ذلك، لم يمر هذا القرار دون انتقادات، حيث واجه اعتراضات من بعض الأطراف السياسية في البلاد، بما في ذلك أصوات من داخل التحالف الحاكم نفسه.
مارتن هوبر، الأمين العام للاتحاد الاجتماعي المسيحي (CSU)، كان من بين أكثر المنتقدين للقرار، حيث وصفه بأنه "استهزاء" بحق العمال الذين يعملون بانتظام. وصرّح قائلاً: "من غير المعقول أن يتم تقديم مكافأة لمن بدأ العمل فقط بينما يتم تجاهل من ظل يعمل دون انقطاع لسنوات". كما أشار إلى أن مثل هذه القرارات قد تؤدي إلى تفاقم التوترات الاجتماعية.
آراء من الساحة السياسية
أثار الاقتراح أيضًا نقاشًا في البرلمان الألماني، حيث أعرب المستشار الألماني أولاف شولتس عن تحفظه على فكرة "مكافأة بدء العمل". ورغم اعترافه بأن الهدف منها جيد، فقد أبدى شكوكه حول فعاليتها على المدى الطويل. وفي حديثه عبر محطة "آر تي إل" الألمانية، قال شولتس: "لا أعتقد أن الناس يحتاجون إلى مكافآت للعودة إلى العمل. نحن بطبيعتنا نميل للعمل والإنتاج".
وفي نفس السياق، أبدت أندريا ناليس، الرئيسة التنفيذية لوكالة العمل الفيدرالية، اعتراضها على الخطة، مشيرة إلى أن تقديم مكافأة للعاطلين ليس الحل الأمثل لمعالجة قضية البطالة. وقالت: "زيادة المعونات أو تقديم مكافآت مالية لن تحل مشكلة البطالة بشكل جذري، بل قد تؤدي إلى تأثير سلبي على الاقتصاد".
دعم للمقترح
من ناحية أخرى، دافع وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، وهو عضو في حزب الخضر، عن هذه المبادرة، معتبرًا أنها خطوة عملية قد تسهم في تقليل معدل البطالة في البلاد. وأشار إلى أن هذا التحفيز قد يساعد في خفض عدد العاطلين عن العمل بمقدار 100,000 شخص، معتبرًا أن هذا الرقم ليس بالهين في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
وقد لاقى هذا الاقتراح دعمًا من بعض المؤسسات المحلية، خاصة تلك التي تتعامل مع فئات العاطلين عن العمل والمهاجرين. ففي مقابلة مع قناة DW الألمانية ، قالت سلام .ج، وهي متطوعة في مركز للتكامل الاجتماعي في ولاية شمال الراين - وستفاليا، أن هذه المكافأة قد تكون حافزًا لبعض الأشخاص للعودة إلى سوق العمل، خاصة أولئك الذين يواجهون صعوبات مالية. وأوضحت: "الكثير من اللاجئين والعائلات المهاجرة يجدون صعوبة في تأمين احتياجاتهم الأساسية خلال فترة البحث عن عمل، وهذه المكافأة قد تساعدهم على بدء حياة جديدة".
جدل حول فعالية العقوبات
بالمقابل، هناك من يرى أن فرض العقوبات قد يكون أكثر فعالية في معالجة البطالة من تقديم المكافآت. محمد أ.، لاجئ يقيم في ألمانيا منذ عدة سنوات، قال إنه يعتقد أن العقوبات قد تدفع الأشخاص القادرين على العمل إلى البحث بجدية عن فرص عمل، موضحًا: "العمل ليس فقط مصدرًا للدخل، بل هو أيضًا جزء من كرامة الإنسان. من غير المنطقي أن يعيش الناس على معونات الدولة بينما يمكنهم العمل".
إحصائيات حول اقتطاعات المعونات
تشير إحصائيات وكالة العمل الاتحادية إلى أن عام 2023 شهد زيادة في عدد الحالات التي تم فيها اقتطاع جزء من معونات المستفيدين القادرين على العمل. وبلغ عدد الاقتطاعات 77,520 حالة، بزيادة عن العام السابق. وتشير البيانات إلى أن الغالبية العظمى من هذه الاقتطاعات كانت نتيجة لعدم حضور المواعيد التي حددتها الوكالة، في حين كانت نسبة أقل تعود إلى رفض عروض العمل أو التدريب.
ورغم أن الحكومة تسعى إلى تعزيز إجراءات الرقابة على المستفيدين من المعونات، إلا أنها تؤكد في الوقت نفسه على أن الاقتطاعات لن تُفرض في حال كان لدى الشخص المستفيد مبرر قوي لرفض العمل أو عدم الحضور إلى المواعيد.